هدف الإنسان في هذه الحياة هو الإيمان باللّه عز وجل وعبادته التي تتجلى في تطبيق تعاليمه وشرائعه. فعبادة الله الواحد الأحد، والإقرار بوحدانيته، والإيمان باستحالة إدراك كنهه، والامتثال لتعاليمه وأحكامه، مبدأ يتشارك فيه جميع المؤمنين باللّه. وقد استقينا من التعاليم الإلهية بأن الدافع الجوهري لعبادة اللّه هي حالـة الانجذاب والمحبـة.
جـاء في الكلمـات المكنونـة لحضرة بهاءاللّه :
"يـا ابن الإنسان، أَحْبَبْتُ خَلقك فخلقتك، فأحببني كي أَذْكُرك وفي روح الحياة أُثَبِّتك".
ويتفضّل حضرة عبدالبهاء :
"اعلم حقّ اليقين أنَّ المحبة سرّ البعث الإلهي، والمحبة هي التجلي الرحماني، المحبة هي الفيض الروحاني، المحبة هي النور الملكوتي، المحبة هي نفثات روح القدس في الروح الإنساني، المحبة هي سبب ظهور الحق في العالم الإمكاني، المحبة هي الروابط الضرورية المنبعثة من حقائق الأشياء بإيجاد إلهي، المحبة هي وسيلة السعادة الكبرى في العالم الروحاني والجسماني، المحبة هي نورٌ يُهتدى به في الغياهب الظلماني، المحبة هي الرابطة بين الحق والخلق في العالم الوجداني، المحبة هي سبب الترقي لكل إنسان نوراني".
من هذا المنظور فإن الدعاء والمناجاة هما حالة احتياج تتوق إليها الروح الإنسانية للتعبير عن هذه المحبة. وقد يشترك فيها المؤمن باللّه ودينه، وكل من يميل إلى التأمّل والتفكّر. هذه الحالة متواجدة ومترسّخة في مجتمعنا المغربي، فلطالما رفعنا أيدينا لطلب الشّفاء والرّحمة لذوينا وأقاربنا. فالدعاء هو بمثابة الغذاء الروحاني الذي لا يمكن الاستغناء عنه لتطوير الصّفات الحسنة والفضائل المودعة فينا تماما مثل الغذاء المادي للجسم الإنساني. فكم هو جميل ومريح أن يجتمع الأقارب والأحباء والأصدقاء والجيران لتلاوة الآيات الإلهية، والكلمات الربّانية، وكل ما يعلو بالروح ويسمو بها إلى أعلى المقامات، ويحرّك فيها الصفات الحسنة من رحمة وكرم ومودة وإخاء.
يتفضل حضرة بهاءاللّه في أحد ألواحه المباركة:
"أن اجتمعوا بالرَّوْح والرَّيْحَان ثم اتلوا آيات الرَّحمَن بها تُفْتَحُ على قلوبكم أبواب العرفان إذاً تَجدوا أنفسكم على استقامة وتَروا قلوبكم في فرح مبين".
إنّ تواجد الجميع في هذا الجوِّ الروحاني بوسعه أن يعزز أواصر المحبة والألفة داخل الأسر، وينمي روح التعاون والتضامن بين الجيران، ويقوي روابط الصداقة بين الأحباب والأصدقاء. كل ذلك من شأنه أن ينمي إدراكنا بالهدف المشترك، ألا وهو عبادة الله ومحبته وتطبيق تعاليمه في حياتنا اليومية، خدمة لهدف ثنائي متمثّل في تحوّلنا الفردي والجماعي. فَلَأَنْ تغدو حالة الدعاء والمناجاة روحا للمجتمع الإنساني لهو خير ما نأمله ونصبو إليه جميعا.
Comments